الاثنين، 15 يوليو 2019

معلمي الأول

قبل قليل هاتفني مصرحا بشوق لا أعرف أي شوق قصد، ولا أنكر أنني تمنيت أن أقول له: أنا أشتاقك ذاك الشوق الذي يمزق المسافات ويزيح الحواجز؛ لا أنكر حين سمعت نبرته الدافئة بدأت الفوضى تجرجرني إلى حبه، ذلك الحب الذي ما زال يمتلك نصفي الحائر، وكل نصفي العاقل؛ قبل قليل قبل أن يهاتفني أرسلت بضع كلمات الشوق، مقنعة ببعض المزاح، كانت مجرد سبيل إلي سماع صوته؛ نعم مجرد حيلة أو نداء، كنت أحسبه لا يبالي بما أبالي؛ قبل قليل رضيت بقليله الكثير، وغصت عمقا لم أبلغه قط، عمق جميل أرجعني إلى سنين الكتابة الأولى، حيث كنت أكتب وأكتب، ليقرأني كما أريد وكان يفعل، يفهم ما أنظم من كلام، يعلم جيدا أنه المنشود، حقا كان يدرك أنني مولعة به حد الأنفاس، كان يعلم كل هذا لكنه لا يبوح لماذا؟ لأنه كان لا يراني كما يراني اليوم، نعم  كنت يافعة، كنت بعمر لا يستوعب حجم ما كنت أكنه له من شعر وشعور، ولكن! هل للحب عمر؟ ام للظروف والقيود معنى حين يدق القلب دقات الهوى، أنا لا ألومه ، تفهمته علمت كيف كان يفكر بي، كان يريد لي خيرا، خير حياة ،خير الأحلام، خير النجاحات، وأتفهم أيضا، أنه كان هالة تضىء هناك حيث كنت أتعلم، كلهن مثلي او أكثر، رأن فيه ما تمنيته في فارسي، كلهن معي يردنه، لكن أنا أردت شي لا يفسر، لا يرى، لا أستطيع أن أقوله لهن: أنا أردته هو لشخصه، لذاته الجميلة، أردته لأراه بعينه في نفسي، لأبوح له كل صباح أنه مميز جدا، لا يضاهيه أحد، أردته لبشاشته، لشهامته، لقيمه ولما يخفيه عنهن وأنا أعرفه؛ لتعلم أنني أردتك لأنك علمتني حرفا وأخلاقا، علمتني شوقا وأحتراقا، علمتني أن أكون حين لا يكون هنالك متسع للاستسلام، علمتني أن الكبوة لا تضعف بل تقوي وتحسن، علمتني أن أضحك وأكتب وأغني على كل إيقاعات الحياة، علمتني الكثير، لكن! دون أن تنطق شي، دون أن تعنيني مباشرة بقول أو فعل، علمتني من كلامك و وجودك حيث عهدتك، نعم مرت سنين وأيام، أنت هناك بعيد وأنا هنا أبعد، وما زلنا على قيد التناغم والتواصل، وما زلت أنت معي، بداخلي، بنفس الوهج وأكثر، بذات الحنين وأجمل، ما زلت أستمد من ذكراك آمالي، و أنت ما زلت معلمي الأول و واحتي الأروع.